التانكي
التانكي
«إنها رواية الخسرانين المتلعثمين في لسانهم الأصلي وعبر ألسنتهم الهروبية أيضاً». هكذا تقدم الروائية العراقية عالية ممدوح (1944) روايتها الجديدة «التانكي» (منشورات المتوسط). «التانكي» أو شارع الأنتليجنسيا العراقية في النصف الثاني من القرن الماضي، هو شارع تلك النخبة التي فرّقتها المنافي وشرّدتها الحروب وقضت دبابات المارينز وعمائم الطائفية على أحلامها الوردية بعراق حديث ومتنوّر ومتعدد، وحوّلته إلى مكان للمحو والعمى، فالبطلة التي اختارتها ممدوح المتوّجة بميدالية «نجيب محفوظ للأدب» (2004) عن روايتها «المحبوبات» (دار الساقي) تختار طوعاً المنفى الباريسي معلنةً بوضوح: «أريد تنظيف حواسي جميعها، فلو بقيت هنا لعميت واختفيت». تضعنا صاحبة «حبات النفتلين» أمام الإشكاليات الكبيرة: بارادوكس الجمال والتفاهة، المنفى والوطن، الحرية والاستبداد، الجنون والعقل. إنها رواية أوطاننا المهدمة، أوطاننا المتخصصة في الأذية والقساوة، والمنافي. وإذا كانت هذه المنافي ضامنة للكثير من حقائق الحرية والعدل وحقوق الإنسان، فإنها حين يتعلق الأمر بالدفء والحب تتفرج على أمراضنا ومآسينا من دون أن يرف لها جفن أو يرق لها قلب. تنطلق ممدوح في الرواية من فكرة هندسية بديعة: «المكعب» الذي يصممه المهندس معاذ الألوسي ليسمح في تشكيله الهندسي للرواية أن تُبنى على شكل طبقات.